رسالة إلى كل من يعمل للإسلام(الحلقة التانية)
صفحة 1 من اصل 1
رسالة إلى كل من يعمل للإسلام(الحلقة التانية)
خامساً؛ زيارة الصالحين:
ومن وسائل تجديد الإيمان؛ زيارة الصالحين والمجاهدين وأهل السَّبق في العمل الإسلامي، فهذه الزيارات لها أثر عظيم في تجديد الإيمان وصقله، وإذا كانت رؤية هؤلاء وحدها زاداً على الطريق الإيماني فكيف بمجالستهم ومصاحبتهم والاستماع إليهم والتعلم منهم والاستماع إليهم وإلى سيرتهم العطرة وسير زملائهم المجاهدين والصالحين؟! وكيف كان زهدهم في الدنيا ورغبتهم في الآخرة والموت في سبيل الله, وتضحياتهم في الدعوة والحسبة والجهاد؟!
وإن مثل هذه الزيارات تمثل شحناً لبطارية إيمان الأخ التي قد تكون أوشكت على النفاد.
وقد كان عمر بن الخطاب يقول: (لولا ثلاث ما أحببتُ البقاء في الدنيا)، ويعدد من هؤلاء الثلاث: (مصاحبة أقوام ينتقون أطايب الكلام كما تنتقون أطايب الثمر).
ولعل أبرز مثل لذلك؛ ذهاب موسى عليه السلام لمصاحبة الخضر والتعلم منه، وذلك رغم مكانة موسى عليه السلام، ورغم أنه أفضل من الخضر، إلا أنه قال له: {هل أتبعك على أن تعلمن مما عُلِّمْتَ رشداً}.
وهؤلاء تلاميذ معاذ بن جبل ومحبوه - الذين كانوا يترددون عليه ويتعلمون منه - كانوا يبكون بكاءً شديداً حزناً على فراق معاذ حينما مَرِضَ مَرَضَ الموت، وذلك من أجل شعورهم أنهم سيفقدون ذلك المجلس الإيماني العظيم، الذي كانوا يجلسون فيه إلى معاذ بن جبل يجدد لهم إيمانهم ويعلمهم الحكمة والعلم بالله وبأمر الله.
فعن يزيد بن عميرة قال: (لما مَرِضَ معاذ بن جبل مرضه الذي قُبِضَ فيه كان يُغْشى عليه أحياناً ويفيق أحياناً، حتى غشي عليه غشيةً ظننا أنه قد قُبِضَ، ثم أفاق وأنا مقابِلُهُ أبكي، فقال: ما يبكيك؟! قلت: والله لا أبكي على دنيا كنتُ أنالُها منك، ولا على نسبٍ بيني وبينك ولكن أبكي على العلم والحكم الذي أسمع منك يذهب! قال: فلا تبك! فإن العلم والإيمان مكانَهما، من ابتغاهما وجدهما، فابتغه حيث ابتغاه إبراهيم عليه السلام فإنه سأل الله تعالى وهو لا يعلم - وتلا: {إني ذاهب إلى ربي سيهدين} -).
ويمكن للأخ أيضاً زيارة بعض آباء الشهداء والمقربين إليهم أو أصدقائهم، للاستماع إلى تاريخ حياتهم، وكيف كانوا يتعاملون مع ربهم ومع الناس ومع أهلهم.
لقد كان أبوبكر الصديق وعمر بن الخطاب يزوران أم أيمن حاضنة الرسول الرسول صلى الله عليه وسلم - كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يزورها - وليتذكروا سوياً أيام الرسول الكريم.
فقد روى مسلم في صحيحه عن أنس قال: قال أبوبكر رضي الله عنه - بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم - لعمر: (انطلق بنا إلى أم أيمن نزورها، كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزورها)، فلما انتهيا إليها بكت، فقالا لها: (ما يبكيك؟ ما عند الله خيرٌ لرسوله،)، فقالت: (ما أبكي أَنْ لا أكونَ أَعْلَمُ أَنَّ ما عند الله خيرٌ لرسوله، ولكنْ أبكي أنَّ الوحيَ قد انقطع من السماء)، فهَيَّجَتْهُما على البكاء، فجعلا يبكيان معها.
سادساً؛ تَذَكُّر أيام الله:
ومن الأسباب التي تعين على تجديد الإيمان؛ أن تتذكر أيام الله.
وقد أمر الله سيدنا موسى عليه السلام أن يُذَكِّرَ بني اسرائيل بأيام الله، قال تعالى: {وذكرهم بأيام الله}، وكأنها مهمة أساسية من مهام موسى عليه السلام، ومعناها؛ ذَكَّر بتلك الأيام التي أنجى الله فيها بني اسرائيل وغرق فيها فرعون وقومه، وذكرهم بأيام الله، بتلك الأيام التي نصر الله فيها أولياءه وأعز جنده وهزم الكفار وحده، ذكرهم بآيات الله الباهرة في تلك الأيام التي خلع الله فيها على أوليائه خُلعةَ النصر والتمكين في الأرض.
وما أصبح صومُ يومِ عاشوراء سُنَّةً في الإسلام؛ إلا لنتذكر هذا اليوم العظيم الذي أنجى الله فيه موسى ومن معه من المؤمنين، وأغرق فيه فرعونَ ومن معه من الكافرين، إنه يومٌ من أيام الله حقاً، ولذا فإننا نصومه كل عام شكراً لله عز وجل على ذلك النصر العظيم، ولنكثر من سؤال الله عز وجل في ذلك اليوم أن يهلك فراعنة عصرنا وزبانيتهم كما أهلك فرعونَ موسى وزبانيتَه، وأن يهلك هامان عصرنا وجنده كما أهلك هامان وجنوده وغرقهم مع سيدهم فرعون في اليم، ولِنُكْثِرَ من سؤال الله في مثل ذلك اليوم أن ينصرنا وينجينا من أيدي الفراعنة، وأن يمكن لنا كما مكن لموسى ومن معه من المؤمنين في الأرض.
فعلى الأخ المسلم أن يتذكر بين الحين والآخر أيامَ الله، ويمعن التدبر فيما حَوَتْه تلك الأيام من عبر وعظات ودروس إيمانية عظيمة، عليه أن يذكِّر نفسه بين الحين والآخر؛ بيوم الفرقان يوم الْتَقَى الجمعان, ويوم خيبر، والفتح الأعظم، ويوم بني قينقاع، وبني النضير، وقريظة، ويتذكر يوم اليمامة، واليرموك، والقادسية، ونهاوند، وفتوحات المغرب والأندلس وجنوب روسيا، ويتذكر حطين، ويتذكرون عين جالوت، والقسطنطينية، والزلاقة، والأرك.
ولا ينسى أيضاً أن يتذكر ذلك اليوم الذي أنجى الله فيه نوحاً ومن معه من المؤمنين، وتلك الأيام التي أنجى فيها هوداً، وصالحاً، ولوطاً، وشعيباً ومن معهم من المؤمنين، وأنزل فيها العذاب والعقاب بالكافرين والمعاندين.
ويتذكر أيضاً ذلك اليوم الذي أنجى الله فيه إبراهيم من النار وجعلها برداً وسلاماً عليه، وكذلك اليوم الذي فدى الله فيه إسماعيل بذبحٍ عظيم.
فكل هذه الأيام هي من أيام الله التي تستحق الكثير والكثير من التدبر والتفكر، وفيها من المعاني الإيمانية ما لا تكفيه مجلداتٌ.
وكلما تفكر الأخ المسلم - الذي أتاه الله العلم النافع - في هذه الأيام؛ فإن الله سَيُفِيضُ على قلبه بفيوضٍ ربانية ومعانٍ إيمانية تملأ القلب يقيناً وتوكلاً وإنابةً وخشوعاً وخضوعاً واستسلاماً ومحبةً وإخلاصاً وتجرداً لله عز وجل.
وعلى الأخ المسلم أن لا يقتصر على تذكر أيام الله التي ذكرنا بعضها والتي ذكرها القرآن وبَيَّنَتْها كتب السنة والسيرة والتواريخ القديمة، بل عليه أن يتذكر أيام الله القريبة العهد منه، ولا يُغْفِلَها فقد تكونُ أشدَّ أثراً وأسهل نداءً.
فعلى سبيل المثال لا الحصر؛
ومن أيام الله أيضاً؛ تلك الأيام العظيمة القريبة التي شهدت سقوط الشيوعية - ليس في أوربا الشرقية وحدها ولكن في العالم بأسره، متضمناً الاتحاد السوفيتي نفسه - لقد سقط ذلك الإله الذي عبده أكثر من نصف سكان العالم، ولم يكتفوا بعبودية صنم الشيوعية، ولكنهم جحدوا الأديان وجحدوا وجود الله عز وجل!
إن سقوط صنم الشيوعية والماركسية؛ يُعْتَبَرُ أعظم آية في ذلك العصر، وتعتبر أيامها من أعظم أيام الله في ذلك العصر.
والعجيب أن ذلك السقوط المدوِّي تم في ثلاثة أشهر فقط في أوربا الشرقية! ولنتأمل جميعاً عُمُر تلك الإمبراطورية الشيوعية إن عمرها لم تجاوز سبعين عاماً، قامت كلها على القهر والسجن والتعذيب والتشريد والحديد والنار، ويكفي أن تعلم أنها قتلت أكثر من عشرين مليوناً من المسلمين.
وعليك أخي المسلم؛ أن تقارن بين عمر الشيوعية وعمر الإسلام الذي تحاربه الدنيا كلُها، والذي لا تحميه أي دولة في العالم! بل يتحمل أبناؤه صنوف العذاب في كل بلاد الدنيا، ورغم مرور أربعةَ عشرَ قرناً من الزمان، مازال الإسلام غضّاً طرياً نابضاً.
وتفكر أخي، كيف سقط صنم الشيوعية بمجرد نقص - ولا أقول نقض - سلطة الدولة بضعة أيام! أما الإسلام، فرغم أن الدنيا قد أجمعت على حربه، فهو يزداد كل يوم قوة إلى قوة، ويكتسب أنصاراً ورجالاً فطرة الله التي فطر الناس عليها.
وأسأل الله عز وجل أن يزيل ويسقط عُبَّاد الصليبية واليهودية والعلمانية وكافة صنوف الكفر والشرك على ظهر الأرض، ويطهر الأرض من تلك الأوثان، وينشر عليها ضياء الحق ونور الإسلام، وما ذلك على الله بعزيز.
وبعد، فأيام الله كثيرة وكثيرة، منها ما هو محلي أو عالمي، أو حتى في محيطٍ شخصي أو أُسَرِيٍّ، أو على مستوى الجماعة المسلمة الصغيرة في القطر الواحد من أقطار الإسلام.
والمهم أن على الأخ المسلم أن يتذكر هذه الأيام بين الحين والآخر، ويتدبر في معانيها الإيمانية، فإنها تحمل الكثير والكثير، ولعل الإشارة إلى ذلك تغني عن كثير من العبارة.
انتهى الكتاب
ولله الحمد أولاً وآخراً فهو الذي بنعمته تتم الصالحات
و عسى الله أن يهدينا و إياكم و إخواننا لما يجب و يرضى
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
أسأل الله أن ينصر أخواننا المجاهدين وعلمائنا العاملين في كل مكان ويفك أسرى المأسورين ويفرج كرب المأسورين اللهم فك أسرى المسلمين في كل مكان وفرج كربتهم وتبثهم على دينك ياكريم إنك أنت الكريم الرحمان المنان
ومن وسائل تجديد الإيمان؛ زيارة الصالحين والمجاهدين وأهل السَّبق في العمل الإسلامي، فهذه الزيارات لها أثر عظيم في تجديد الإيمان وصقله، وإذا كانت رؤية هؤلاء وحدها زاداً على الطريق الإيماني فكيف بمجالستهم ومصاحبتهم والاستماع إليهم والتعلم منهم والاستماع إليهم وإلى سيرتهم العطرة وسير زملائهم المجاهدين والصالحين؟! وكيف كان زهدهم في الدنيا ورغبتهم في الآخرة والموت في سبيل الله, وتضحياتهم في الدعوة والحسبة والجهاد؟!
وإن مثل هذه الزيارات تمثل شحناً لبطارية إيمان الأخ التي قد تكون أوشكت على النفاد.
وقد كان عمر بن الخطاب يقول: (لولا ثلاث ما أحببتُ البقاء في الدنيا)، ويعدد من هؤلاء الثلاث: (مصاحبة أقوام ينتقون أطايب الكلام كما تنتقون أطايب الثمر).
ولعل أبرز مثل لذلك؛ ذهاب موسى عليه السلام لمصاحبة الخضر والتعلم منه، وذلك رغم مكانة موسى عليه السلام، ورغم أنه أفضل من الخضر، إلا أنه قال له: {هل أتبعك على أن تعلمن مما عُلِّمْتَ رشداً}.
وهؤلاء تلاميذ معاذ بن جبل ومحبوه - الذين كانوا يترددون عليه ويتعلمون منه - كانوا يبكون بكاءً شديداً حزناً على فراق معاذ حينما مَرِضَ مَرَضَ الموت، وذلك من أجل شعورهم أنهم سيفقدون ذلك المجلس الإيماني العظيم، الذي كانوا يجلسون فيه إلى معاذ بن جبل يجدد لهم إيمانهم ويعلمهم الحكمة والعلم بالله وبأمر الله.
فعن يزيد بن عميرة قال: (لما مَرِضَ معاذ بن جبل مرضه الذي قُبِضَ فيه كان يُغْشى عليه أحياناً ويفيق أحياناً، حتى غشي عليه غشيةً ظننا أنه قد قُبِضَ، ثم أفاق وأنا مقابِلُهُ أبكي، فقال: ما يبكيك؟! قلت: والله لا أبكي على دنيا كنتُ أنالُها منك، ولا على نسبٍ بيني وبينك ولكن أبكي على العلم والحكم الذي أسمع منك يذهب! قال: فلا تبك! فإن العلم والإيمان مكانَهما، من ابتغاهما وجدهما، فابتغه حيث ابتغاه إبراهيم عليه السلام فإنه سأل الله تعالى وهو لا يعلم - وتلا: {إني ذاهب إلى ربي سيهدين} -).
ويمكن للأخ أيضاً زيارة بعض آباء الشهداء والمقربين إليهم أو أصدقائهم، للاستماع إلى تاريخ حياتهم، وكيف كانوا يتعاملون مع ربهم ومع الناس ومع أهلهم.
لقد كان أبوبكر الصديق وعمر بن الخطاب يزوران أم أيمن حاضنة الرسول الرسول صلى الله عليه وسلم - كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يزورها - وليتذكروا سوياً أيام الرسول الكريم.
فقد روى مسلم في صحيحه عن أنس قال: قال أبوبكر رضي الله عنه - بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم - لعمر: (انطلق بنا إلى أم أيمن نزورها، كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزورها)، فلما انتهيا إليها بكت، فقالا لها: (ما يبكيك؟ ما عند الله خيرٌ لرسوله،)، فقالت: (ما أبكي أَنْ لا أكونَ أَعْلَمُ أَنَّ ما عند الله خيرٌ لرسوله، ولكنْ أبكي أنَّ الوحيَ قد انقطع من السماء)، فهَيَّجَتْهُما على البكاء، فجعلا يبكيان معها.
سادساً؛ تَذَكُّر أيام الله:
ومن الأسباب التي تعين على تجديد الإيمان؛ أن تتذكر أيام الله.
وقد أمر الله سيدنا موسى عليه السلام أن يُذَكِّرَ بني اسرائيل بأيام الله، قال تعالى: {وذكرهم بأيام الله}، وكأنها مهمة أساسية من مهام موسى عليه السلام، ومعناها؛ ذَكَّر بتلك الأيام التي أنجى الله فيها بني اسرائيل وغرق فيها فرعون وقومه، وذكرهم بأيام الله، بتلك الأيام التي نصر الله فيها أولياءه وأعز جنده وهزم الكفار وحده، ذكرهم بآيات الله الباهرة في تلك الأيام التي خلع الله فيها على أوليائه خُلعةَ النصر والتمكين في الأرض.
وما أصبح صومُ يومِ عاشوراء سُنَّةً في الإسلام؛ إلا لنتذكر هذا اليوم العظيم الذي أنجى الله فيه موسى ومن معه من المؤمنين، وأغرق فيه فرعونَ ومن معه من الكافرين، إنه يومٌ من أيام الله حقاً، ولذا فإننا نصومه كل عام شكراً لله عز وجل على ذلك النصر العظيم، ولنكثر من سؤال الله عز وجل في ذلك اليوم أن يهلك فراعنة عصرنا وزبانيتهم كما أهلك فرعونَ موسى وزبانيتَه، وأن يهلك هامان عصرنا وجنده كما أهلك هامان وجنوده وغرقهم مع سيدهم فرعون في اليم، ولِنُكْثِرَ من سؤال الله في مثل ذلك اليوم أن ينصرنا وينجينا من أيدي الفراعنة، وأن يمكن لنا كما مكن لموسى ومن معه من المؤمنين في الأرض.
فعلى الأخ المسلم أن يتذكر بين الحين والآخر أيامَ الله، ويمعن التدبر فيما حَوَتْه تلك الأيام من عبر وعظات ودروس إيمانية عظيمة، عليه أن يذكِّر نفسه بين الحين والآخر؛ بيوم الفرقان يوم الْتَقَى الجمعان, ويوم خيبر، والفتح الأعظم، ويوم بني قينقاع، وبني النضير، وقريظة، ويتذكر يوم اليمامة، واليرموك، والقادسية، ونهاوند، وفتوحات المغرب والأندلس وجنوب روسيا، ويتذكر حطين، ويتذكرون عين جالوت، والقسطنطينية، والزلاقة، والأرك.
ولا ينسى أيضاً أن يتذكر ذلك اليوم الذي أنجى الله فيه نوحاً ومن معه من المؤمنين، وتلك الأيام التي أنجى فيها هوداً، وصالحاً، ولوطاً، وشعيباً ومن معهم من المؤمنين، وأنزل فيها العذاب والعقاب بالكافرين والمعاندين.
ويتذكر أيضاً ذلك اليوم الذي أنجى الله فيه إبراهيم من النار وجعلها برداً وسلاماً عليه، وكذلك اليوم الذي فدى الله فيه إسماعيل بذبحٍ عظيم.
فكل هذه الأيام هي من أيام الله التي تستحق الكثير والكثير من التدبر والتفكر، وفيها من المعاني الإيمانية ما لا تكفيه مجلداتٌ.
وكلما تفكر الأخ المسلم - الذي أتاه الله العلم النافع - في هذه الأيام؛ فإن الله سَيُفِيضُ على قلبه بفيوضٍ ربانية ومعانٍ إيمانية تملأ القلب يقيناً وتوكلاً وإنابةً وخشوعاً وخضوعاً واستسلاماً ومحبةً وإخلاصاً وتجرداً لله عز وجل.
وعلى الأخ المسلم أن لا يقتصر على تذكر أيام الله التي ذكرنا بعضها والتي ذكرها القرآن وبَيَّنَتْها كتب السنة والسيرة والتواريخ القديمة، بل عليه أن يتذكر أيام الله القريبة العهد منه، ولا يُغْفِلَها فقد تكونُ أشدَّ أثراً وأسهل نداءً.
فعلى سبيل المثال لا الحصر؛
ومن أيام الله أيضاً؛ تلك الأيام العظيمة القريبة التي شهدت سقوط الشيوعية - ليس في أوربا الشرقية وحدها ولكن في العالم بأسره، متضمناً الاتحاد السوفيتي نفسه - لقد سقط ذلك الإله الذي عبده أكثر من نصف سكان العالم، ولم يكتفوا بعبودية صنم الشيوعية، ولكنهم جحدوا الأديان وجحدوا وجود الله عز وجل!
إن سقوط صنم الشيوعية والماركسية؛ يُعْتَبَرُ أعظم آية في ذلك العصر، وتعتبر أيامها من أعظم أيام الله في ذلك العصر.
والعجيب أن ذلك السقوط المدوِّي تم في ثلاثة أشهر فقط في أوربا الشرقية! ولنتأمل جميعاً عُمُر تلك الإمبراطورية الشيوعية إن عمرها لم تجاوز سبعين عاماً، قامت كلها على القهر والسجن والتعذيب والتشريد والحديد والنار، ويكفي أن تعلم أنها قتلت أكثر من عشرين مليوناً من المسلمين.
وعليك أخي المسلم؛ أن تقارن بين عمر الشيوعية وعمر الإسلام الذي تحاربه الدنيا كلُها، والذي لا تحميه أي دولة في العالم! بل يتحمل أبناؤه صنوف العذاب في كل بلاد الدنيا، ورغم مرور أربعةَ عشرَ قرناً من الزمان، مازال الإسلام غضّاً طرياً نابضاً.
وتفكر أخي، كيف سقط صنم الشيوعية بمجرد نقص - ولا أقول نقض - سلطة الدولة بضعة أيام! أما الإسلام، فرغم أن الدنيا قد أجمعت على حربه، فهو يزداد كل يوم قوة إلى قوة، ويكتسب أنصاراً ورجالاً فطرة الله التي فطر الناس عليها.
وأسأل الله عز وجل أن يزيل ويسقط عُبَّاد الصليبية واليهودية والعلمانية وكافة صنوف الكفر والشرك على ظهر الأرض، ويطهر الأرض من تلك الأوثان، وينشر عليها ضياء الحق ونور الإسلام، وما ذلك على الله بعزيز.
وبعد، فأيام الله كثيرة وكثيرة، منها ما هو محلي أو عالمي، أو حتى في محيطٍ شخصي أو أُسَرِيٍّ، أو على مستوى الجماعة المسلمة الصغيرة في القطر الواحد من أقطار الإسلام.
والمهم أن على الأخ المسلم أن يتذكر هذه الأيام بين الحين والآخر، ويتدبر في معانيها الإيمانية، فإنها تحمل الكثير والكثير، ولعل الإشارة إلى ذلك تغني عن كثير من العبارة.
انتهى الكتاب
ولله الحمد أولاً وآخراً فهو الذي بنعمته تتم الصالحات
و عسى الله أن يهدينا و إياكم و إخواننا لما يجب و يرضى
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
أسأل الله أن ينصر أخواننا المجاهدين وعلمائنا العاملين في كل مكان ويفك أسرى المأسورين ويفرج كرب المأسورين اللهم فك أسرى المسلمين في كل مكان وفرج كربتهم وتبثهم على دينك ياكريم إنك أنت الكريم الرحمان المنان
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى